ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من صفات المؤمنين المفلحين الوارثين الفردوس: أنهم راعون لأماتهم وعهدهم، أي: محافظون على الأمانات. والعهود، والأمانة تشمل: كل ما استودعك الله، وأمرك بحفظه، فيدخل فيها حفظ جوارحك من كل ما لا يرضي الله، وحفظ ما ائتمنت عليه من حقوق الناس. والعهود أيضًا تشمل: كل ما أخذ عليك العهد بحفظه من حقوق الله، وحقوق الناس.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من حفظ الأمانات والعهود جاء مبينًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧)} وقوله تعالى في (سأل سائل): {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨)} وقوله في العهد: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)} وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} الآية، وقوله: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (١٠)} وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} وقد أوضحنا هذا في سورة الأنبياء في الكلام على قوله: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} الآية.
وقوله: راعون: جمع تصحيح للراعي، وهو القائم على الشيء بحفظ، أو إصلاح، كراعي الغنم، وراعي الرعية. وفي الحديث "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" الحديث.
وقرأ هذا الحرف ابن كثير وحده:(لأمانتهم) بغير ألف بعد