للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)}.

• قوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} لم يبين هنا هذا المكان المأمور بالإتيان منه المعبر عنه بلفظة حيث، ولكنه بين أن المراد به الإتيان في القبل في آيتين.

إحداهما: هي قوله هنا: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ}؛ لأن قوله: {فَأْتُوا} أمر بالإتيان بمعنى الجماع، وقوله: {حَرْثَكُمْ} يبين أن الإتيان المأمور به إنما هو في محل الحرث، يعني بذر الولد بالنطفة، وذلك هو القبل، دون الدبر كما لا يخفى؛ لأن الدبر ليس محل بذر للأولاد، كما هو ضروري.

الثانية: قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}، لأن المراد بما كتب الله لكم الولد، على قول الجمهور، وهو اختيار ابن جرير، وقد نقله عن ابن عباس، ومجاهد، والحكم، وعكرمة، والحسن البصري، والسدي، والربيع، والضحاك بن مزاحم، ومعلوم أن ابتغاء الولد إنما هو بالجماع في القبل، فالقبل إذن هو المأمور بالمباشرة فيه، بمعنى الجماع، فيكون معنى الآية: فالآن باشروهن، ولتكن تلك المباشرة في محل ابتغاء الولد، الذي هو القبل دون غيره، بدليل قوله: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يعني الولد.

ويتضح لك من هذا أن معنى قوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} يعني أن يكون الإتيان في محل الحرث على أي حالة شاء الرجل، سواء