للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢)} الآية، وهذه الجنود التي لم يروها التي هي الملائكة قد بين الله جل وعلا في براءة أنه أيد بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهو في الغار، وذلك في قوله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} الآية.

• قوله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢)}.

ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن المؤمنين لما رأوا الأحزاب يعني جنود الكفار الذين جاؤوهم من فوقهم، ومن أسفل منهم في غزوة الخندق قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، ولم يبين هنا الآية التي وعدهم إياه فيها، ولكنه بين ذلك في سورة البقرة في قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢١٤)} وممن قال: إن آية البقرة المذكورة مبينة لآية الأحزاب هذه: ابن عباس، وقتادة، وغير واحد. وهو ظاهر.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا} الآية، صريح في أن الإِيمان يزيد، وقد صرح الله بذلك في آيات من كتابه، فلا وجه للاختلاف فيه مع تصريح الله جل وعلا به في كتابه في آيات متعددة، كقوله تعالى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} وقوله تعالى: {فَأَمَّا آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} إلى غير ذلك من الآيات.