وباعتبار جعلها ثوابًا بهذا المعنى فضل عليها ثواب المؤمنين. هذا هو حاصل جواب الزمخشري مع إيضاحنا له.
قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: ويظهر لي في الآية جواب آخر أقرب من هذا، وهو أنا قدمنا أن القرآن والسنة الصحيحة دلًّا على أن الكافر يُجازَى بعمله الصالح في الدنيا، فإذا برَّ والديه ونفَّس عن المكروب، وقرى الضيف، ووصل الرحم مثلًا يبتغي بذلك وجه الله فإن الله يثيبه في الدنيا، كما قدمنا دلالة الآيات عليه، وحديث أَنس عند مسلم. فثوابه هذا الراجع إليه من عمله في الدنيا، هو الذي فضل الله عليه في الآية ثواب المؤمنين. وهذا واضح لا إشكال فيه. والعلم عند الله تعالى.
أخرج الشيخان وغيرهما من غير وجه عن خبَّاب بن الأرتّ رضي الله عنه قال: جئت العاص بن وائل السهمى أتقاضاه حقًّا لي عنده؛ فقال: لا أعطيك حتَّى تكفر بمحمد (- صلى الله عليه وسلم -). فقلت: لا، حتَّى تموت ثم تبعث. قال: وإني لميت ثم مبعوث؟ قلت: نعم. قال: إن لي هناك مالًا وولدًا فأقضيك؛ فنزلت هذه الآية: {أَفَرَأَيتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)}. وقال بعض أهل العلم: إن مراده بقوله: {لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} الاستهزاء بالدين وبخباب بن الأرت رضي الله عنه، والظاهر: أنَّه زعم أنَّه يؤتى مالًا وولدًا قياسا منه للآخرة على الدنيا، كما بينا الآيات الدالة على ذلك؛ كقوله:{وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}، وقوله: