وما أثنى الله به على المؤمنين المفلحين في هذه الآية أشار له في غير هذا الموضع، كقوله: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢)} ومن مرورهم به كرامًا إعراضهم عنه، وعدم مشاركتهم أصحابه فيه، وقوله تعالى:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} الآية.
في المراد بالزكاة هنا وجهان من التفسير معروفان عند أهل العلم.
أحدهما: أن المراد بها زكاة الأموال، وعزاه ابن كثير للأكثرين.
الثاني: أن المراد بالزكاة هنا: زكاة النفس، أي: تطهيرها من الشرك، والمعاصي بالإِيمان باللَّه، وطاعته وطاعة رسله عليهم الصلاة والسلام. وعلى هذا فالمراد بالزكاة هنا كالمراد بها في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)} وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)} الآية. وقوله:{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} وقوله: {خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً} الآية. وقوله: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} على أحد التفسيرين. وقد يستدل لهذا القول الأخير بثلاث قرائن:
الأول: أن هذه السورة مكية بلا خلاف، والزكاة إنما فرضت بالمدينة كما هو معلوم، فدل على أن قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (٤)} نزل قبل فرض زكاة الأموال المعروفة، فدل على أن المراد به غيرها.
القرينة الثانية: هي أن المعروف في زكاة الأموال: أن يعبر عن