أو الجوع. ومن قول من زعم أن الذين يجأرون هم الذين لم يقتلوا يوم بدر وأن جؤارهم من قبل إخوانهم. فكل ذلك خلاف الظاهر وإن قاله من قاله.
• قوله تعالى:{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}.
يتضمن حضهم على تدبر هذا القول الذي هو القرآن العظيم؛ لأنهم إن تدبروه تدبرًا صادقًا علموا أنه حق، وأن اتباعه واجب وتصديق من جاء به لازم. وقد أشار لهذا المعنى في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} وقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)}.
وقوله في هذه الآية الكريمة: {أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)} قال القرطبي: فأنكروه، وأعرضوا عنه، وقيل: أم بمعنى: بل جاءهم ما لا عهد لآبائهم به، فلذلك أنكروه، وتركوا التدبر له.
وقال ابن عباس: وقيل المعنى: أم جاءهم أمان من العذاب، وهو شيء لم يأت آباءهم الأولين.
قال أبو حيان في تفسير هذه الآية: قرعهم أولًا بترك الانتفاع بالقرآن، ثم ثانيًا بأن ما جاءهم جاء آباءهم الأولين، أي: إرسال الرسل ليس بدعًا، ولا مستغربًا، بل أرسلت الرسل للأمم قبلهم، وعرفوا ذلك بالتواتر ونجاة من آمن، واستئصال من كذب. وآباءهم إسماعيل وأعقابه إلى آخر كلامه. وهذا الوجه من التفسير له وجه من النظر، وعليه فالآية كقوله:{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} الآية، ونحوها من الآيات.