بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة تثبيته لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، وعصمته له من الركون إلى الكفار، وأنه لو ركن إليهم لأذاقه ضعف الحياة وضعف الممات؛ أي: مثلي عذاب الحياة في الدنيا، ومثلي عذاب الممات في الآخرة؛ وبهذا جزم القرطبي في تفسيره.
وقال بعضهم: المراد بضعف عذاب الممات: العذاب المضاعف في القبر، والمراد بضعف الحياة: العذاب المضاعف في الآخرة بعد حياة البعث. وبهذا جزم الزمخشري وغيره. والآية تشمل الجميع، وهذا الذي ذكره هنا من شدة الجزاء لنبيه -لو خالف- بينه في غير هذا الموضع؛ كقوله {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) .. } الآية.
وهذا الذي دلت عليه هذه الآية من أنه إذا كانت الدرجة أعلى كان الجزاء عند المخالفة أعظم بينه في موضع آخر، كقوله:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ .. } الآية. ولقد أجاد من قال: