وعبر تعالى عن المراد قبل وقوعه باسم الشيء؛ لأن تحقق وقوعه كالوقوع بالفعل، فلا تنافي الآية إطلاق الشيء على خصوص الموجود دون المعدوم؛ لأنه لما سبق في علم الله أنه يوجد ذلك الشيء، وأنه يقول له: كن فيكون = كان تحقق وقوعه بمنزلة وقوعه. أو لأنه أطلق عليه اسم الشيء باعتبار وجوده المتوقع، كتسمية العصير خمرًا في قوله:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} نظرًا إلى ما يؤول إليه في ثاني حال. وقرأ هذا الحرف ابن عامر والكسائي {فَيَكوُنُ} بفتح النون منصوبًا بالعطف على قوله: أن نقول. وقيل: منصوب بان المضمرة بعد الفاء في جواب الأمر. وقرأ الباقون بالرفع علي أنه خبر مبتدأ محذوف، أي فهو يكون.
ولقد أجاد من قال:
إذا ما أراد الله أمرًا فإنما ... يقول له كن قوله فيكون
واللام في قوله:{لِشَيءٍ} وقوله: {لَهُ} للتبليغ. قاله أبو حيان.
• قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ} ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه لم يرسل قبله - صلى الله عليه وسلم - من الرسل إلا رجالًا، أي: لا ملائكة. وذلك أن الكفار استغربوا جدًا بعث الله رسلًا من البشر، وقالوا: الله أعظم من أن يرسل بشرًا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، فلو كان مرسلًا أحدًا حقًا لأرسل ملائكة كما بينه تعالى في آيات كثيرة، كقوله: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى