للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {أَفَرَأَيتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠)}.

تضمنت هذه الآية الكريمة امتنانًا عظيمًا على خلقه بالماء الذي يشربونه، وذلك أيضًا آية من آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته وشدة حاجة خلقه إليه، والمعنى: (أفرأيتم الماء الذي تشربون) الذي لا غنى لكم عنه لحظة، ولو أعدمناه لهلكتم جميعًا في أقرب وقت: {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩)}.

والجواب الذي لا جواب غيره هو: أنت يا ربنا هو منزله من المزن، ونحن لا قدرة لنا على ذلك. فيقال لهم: إذا كنتم في هذا القدر من شدة الحاجة إليه تعالى فلم تكفرون به وتشربون ماءه وتأكلون رزقه وتعبدون غيره؟!

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من الامتنان على الخلق بالماء وأنهم يلزمهم الإيمان بالله وطاعته، شكرًا لنعمة هذا الماء، كما أشار له هنا بقوله: {فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠)} جاء في آيات أخر من كتاب الله، كقوله تعالى: {فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَينَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (٢٢) وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (٤٩) وقوله تعالى: {وَأَسْقَينَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (٢٧)} إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله هنا: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} أي لو نشاء جعله أجاجًا لفعلنا، ولكن جعلناه عذبًا فراتًا سائغًا شرابه، وقد قدمنا في سورة الفرقان أن الماء الأجاج هو الجامع بين الملوحة والمرارة الشديدتين.