وقول من قال: إن المراد {بِإِمَامِهِمْ} كمحمد بن كعب "أمهاتهم" أي: يقال: يا فلان ابن فلانة = قول باطل بلا شك. وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر مرفوعًا:"يرفع يوم القيامة لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان".
المراد بالعمى في هذه الآية الكريمة: عمى القلب لا عمى العين. ويدل لهذا قوله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} لأن عمى العين مع إبصار القلب لا يضر، بخلاف العكس، فإن أعمي العين يتذكر فتنفعه الذكرى ببصيرة قلبه، قال تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤)}.
إذا بصر القلب المروءة والتقى ... فإن عمى العينين ليس يضير
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لما عمي في آخر عمره -كما روي عنه من وجوه- كما ذكره ابن عبد البر وغيره:
إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور
وقوله في هذه الآية الكريمة: {فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٧٢)} قال بعض أهل العلم: ليست الصيغة صيغة تفضيل، بل المعنى فهو في الآخرة أعمى كذلك لا يهتدي إلى نفع، وبهذا جزم الزمخشري.