الوجه الثاني: أن بعضهم إن عصى الله وبغى وطغى، ولم ينههم الآخرون فإن الهلاك يعم الجميع، كما قال تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} وفي الصحيح من حديث أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها: أنها لما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل، هذه -وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها-" قالت له: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:"نعم، إذا كثر الخبث" وقد قدمنا هذا المبحث موضحًا في سورة المائدة.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أهلك كثيرًا من القرون من بعد نوح؛ لأن لفظة {وَكَمْ} في قوله: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا} خبرية، معناها الإخبار بعدد كثير، وأنه جل وعلا خبير بصير بذنوب عباده. وأكد ذلك بقوله:{وَكَفَى بِرَبِّكَ} الآية.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة أوضحته آيات أخر من أربع جهات: