للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} لم يبين هنا هل أجاب دعاءهم هذا أو لا. وأشار إلى أنه أجاب بقوله في الخطأ: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} الآية. وأشار إلى أنه أجاب في النسيان بقوله: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)} [الأنعام: ٦٨] فإنه ظاهر في أنه قبل الذكرى لا إثم عليه في ذلك، ولا يقدح في هذا أن آية: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} مكية، وآية: {لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} مدنية إذ لا مانع من بيان المدني بالمكي، كعكسه.

وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال الله تعالى: نعم.

• قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} لم يبين هنا هل أجاب دعاءهم هذا أو لا. ولم يبين الإصر الذي كان محمولا على من قبلنا، وبين أنه أجاب دعاءهم هذا في مواضع أخر كقوله: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} وقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} وقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} الآية. إلى غير ذلك من الآيات. وأشار إلى بعض الإصر الذي حمل على من قبلنا بقوله: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}؛ لأن اشتراط قتل النفس في قبول التوبة من أعظم الإصر، والإصر: الثقل في التكليف، ومنه قول النابغة:

يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم ... والحامل الإصر عنهم بعدما عرفوا