أما بطلان الأول فالله تعالى نفي كون الشرك الماضي عن إبراهيم في قوله: {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥)} في عدة آيات، ونفي الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي، فثبت أنه لم يتقدم عليه شرك يوماً ما.
وأما كونه جازماً موقناً بعدم ربوبية غير الله فقد دل عليه ترتيب قوله تعالى:{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي} إلى آخره "بالفاء" على قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥)} فدل على أنه قال ذلك موقناً مناظراً ومحاجاً لهم، كما دل عليه قوله تعالى:{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} الآية، وقوله:{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} الآية. والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} الآية، المراد بالظلم هنا الشرك كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيح البخاري وغيره من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقد بينه قوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)} وقوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)}.