للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفت هذه الريح بالعصف تارة وبالرخاء أخرى، فما التوفيق بينهما؟ قلت: كانت في نفسها رخية طيبة كالنسيم، فإذا مرت بكرسيه أبعدت به في مدة يسيرة، على ما قال: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}، فكان جمعها بين الأمرين: أن تكون رخاء في نفسها، وعاصفة في عملها مع طاعتها لسليمان، وهبوبها على حسب ما يريد ويحتكم. اهـ محل الغرض منه.

وأما الجواب عن السؤال الثاني: فهو أن قوله: {حَيثُ أَصَابَ (٣٦)} يدل على أنها تجري بأمره حيث أراد من أقطار الأرض. وقوله: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيءٍ عَالِمِينَ (٨١)} لأن مسكنه فيها وهي الشام، فترده إلى الشام. وعليه فقوله: {حَيثُ أَصَابَ (٣٦)} في حالة الذهاب. وقوله: {إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} في حالة الإياب إلى محل السكنى. فانفكت الجهة فزال الإشكال. وقد قال نابغة ذبيان:

إلا سليمان إذ قال الإله له ... قم في البرية فاحددها عن الفند

وخيس الجن إني قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصفاح والعمد

وتدمر: بلد بالشام. وذلك مما يدل على أن الشام هو محل سكناه كما هو معروف.

• قوله تعالى: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (٨٢)}.

الأظهر في قوله: {مَنْ يَغُوصُونَ} أنه في محل نصب عطفًا على معمول {وَسَخَّرْنَا} أي: وسخرنا له من يغوصون له من