للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}، وقوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، وبين قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)}.

وإنما ذكرنا أن الإرادة قد تكون دينية شرعية، وهي ملازمة للأمر والرضا، وقد تكون كونية قدرية، وليست ملازمة لهما؛ لأن الله يأمر الجميع بالأفعال المرادة منهم دينا، ويريد ذلك كونًا وقدرًا من بعضهم دون بعض، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}، فقوله: (إلا ليطاع) أي فيما جاء به من عندنا؛ لأنه مطلوب مراد من المكلفين شرعًا ودينًا، وقوله: (بإذن الله) يدل على أنه لا يقع من دلك إلا ما أراده الله كونًا وقدرًا، والله جل وعلا يقول: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)}، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كل ميسر لما خلق له". والعلم عند الله تعالى.

• قوله تعالى: {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧)}.

قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ}.

• قوله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩)}.

أصل الذَّنوب في لغة العرب الدلو، وعادة العرب أنهم يقتسمون ماء الآبار والقلب بالدلو، فيأخذ هذا منه ملء دلو، ويأخذ الآخر كذلك، ومن هنا أطلقوا اسم الذنوب التي هي الدلو على النصيب. قال الراجز في اقتسامهم الماء بالدلو:

لنا ذنوب ولكم ذنوب ... فإن أبيتم فلنا القليب