وبين تعالى في موضع آخر: أن فضله كبير على جميع المؤمنين، وهو قوله: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (٤٧)} وبين المراد بالفضل الكبير في قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢)}.
بين الله جل وعلا في هذه الآيات الكريمة شدة عناد الكفار وتعنتهم، وكثرة اقتراحاتهم لأجل التعنت لا لطلب الحق، فذكر أنهم قالوا له - صلى الله عليه وسلم -: إنهم لن يؤمنوا له -أي: لن يصدقوه- حتى يفجر لهم من الأرض ينبوعًا، وهو يفعول من نبع: أي: ماء غزير، ومنه قوله تعالى:{فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ}{أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ} أي: بستان من نخيل وعنب، فيفجر خلالها، أي: وسطها أنهارًا من الماء، أو يسقط السماء عليهم كسفًا، أي: قطعًا كما زعم؛ أي: في قوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ .. } الآية. أو يأتيهم بالله والملائكة قبيلًا، أي: معاينة. قاله قتادة وابن جريج. كقوله:{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا}.
وقال بعض العلماء: {قَبِيلًا (٩٢)}: أي: كفيلًا؛ من تقبله