ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أمر الملائكة بالسجود لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى. أي: أبى أن يسجد؛ فذكر عنه هنا الإباء ولم يذكر عنه هنا الاستكبار. وذكر عنه الإباء أيضًا في "الحجر" في قوله: {إلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١)}. وقوله في آية "الحجر" هذه: {إلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١)} يبين معمول {أَبَى} المحذوف في آية "طه" هذه التي هي قوله: {إلا إِبْلِيسَ أَبَى} أي: أبى أن يكون مع الساجدين، كما صرح به في "الحجر"، وكما أشار إلى ذلك في "الأعراف" في قوله: {إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١)} وذكر عنه في سورة "ص" الاستكبار وحده في قوله: {إلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤)}، وذكر عنه الإباء والاستكبار معًا في سورة "البقرة" في قوله: {إلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)}. وقد بينا في سورة "البقرة" سبب استكباره في زعمه وأدلة بطلان شبهته في زعمه المذكور. وقد بينا في سورة "الكهف" كلام العلماء فيه؛ هل أصله ملك من الملائكة أو لا؟.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَسَجَدُوا إلا إِبْلِيسَ} صرح في غير هذا الموضع أن السجود المذكور سجده الملائكة كلهم أجمعون لا بعضهم، وذلك في قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إلا إِبْلِيسَ} الآية.