للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا الكتاب بيان القرآن بالقرآن، وقد بينا بقيتها في كتابنا "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" في أول سورة الأعراف.

وقد قدمنا طرفًا من هذا في هذا الكتاب المبارك في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)}.

• قوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (٤١)}.

قوله: (بسيماهم) أي بعلامتهم المميزة لهم، وقد دل القرآن على أنها هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، كما قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} الآية، وقال تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}، وقال تعالى: {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧) وقال تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٤١) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢) لأن معنى قوله: (ترهقها قترة) أي يعلوها ويغشاها سواد كالدخان الأسود، وقال تعالى في زرقة عيونهم: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا}، ولا شيء أقبح وأشوه من سواد الوجوه وزرقة العيون، ولذا لما أراد الشاعر أن يقبح علل البخيل بأسوأ الأوصاف وأقبحها، فوصفها بسواد الوجوه وزرقة العيون حيث قال:

وللبخيل على أمواله علل ... زرق العيون عليها أوجه سود

ولا سيما إذا اجتمع مع سواد الوجه اغبراره، كما في قوله: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} فإن ذلك يزيده قبحًا على قبح.