وقوله في سورة "الشعراء": {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١) قَال رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قَال كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالمِينَ (١٦)} فهذه الآيات تبين أنه سأل ربه أن يرسل معه أخاه، فأجاب ربه جل وعلا سؤاله في ذلك. وذلك يبين أن الهبة في قوله:{وَوَهَبْنَا} هي في الحقيقة واقعة على رسالته لا على نفس هارون؛ لأن هارون أكبر من موسى، كما قاله أهل التاريخ.
أمر اللهُ جل وعلا نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة: أن يذكر في الكتاب وهو هذا القرآن العظيم جدَّه إسماعيل، وأثنى عليه -أعني إسماعيل- بأنه كان صادق الوعد وكان رسولًا نبيًّا. ومما يبين من القرآن شدة صدقه في وعده: أنه وعد أباه بصبره على ذبحه ثم وفَّى بهذا الوعد. ومن وفي بوعده في تسليم نفسه للذبح فإن ذلك من أعظم الأدلة على عظيم صدقه في وعده؛ قال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَال يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَال يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢)} فهذا وعده. وقد بين تعالى وفاءه به في قوله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) ... } الآية. والتحقيق أن الذبيح هو إسماعيل. وقد دلت على ذلك آيتان من كتاب الله تعالى دلالة واضحة لا لبس فيها. وسنوضح ذلك إن شاء الله غاية الإيضاح في سورة "الصافات". وثناؤه جل وعلا في