ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن المتقين الذين كانوا يتقونه في دار الدنيا بامتثال أمره واجتناب نهيه يحشرون إليه يوم القيامة في حال كونهم وفدًا. والوفد على التحقيق: جمع وافد كصاحب وصَحْب، وراكب ورَكْب. وقدمنا في سورة "النحل" أن التحقيق أن "الفَعْل" بفتح فسكون من صيغ جموع الكثرة للفاعل وصفًا، وبينا شواهد ذلك من العربية، وإن أغفله الصرفيون. والوافد: من يأتي إلى الملك مثلًا في أمر له شأن. وجمهور المفسرين على أن معنى قوله: {وَفْدًا (٨٥)} أي ركبانًا. وبعض العلماء يقول: هم ركبان على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة. وبعضهم يقول: يحشرون ركبانًا على صور من أعمالهم الصالحة في الدنيا في غاية الحسن وطيب الرائحة.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن خالد عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن مرزوق {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)} قال: يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها وأطيبها ريحًا، فيقول: من أنت؟ فيقول: أما تعرفني؟ فيقول: لا إلا أن الله قد طيب ريحك، وحسن وجهك، فيقول: أنا عملك الصالح، وهكذا كنت في الدنيا حسن العمل طيبه، فطالما ركبتك