اعلم أن التحقيق - إن شاء الله - أن اللام في قوله:{لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} لام التعليل المعروفة بلام كي، وذلك على سبيل الحقيقة، لا المجاز، ويدل على ذلك قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}.
وإيضاح ذلك أن قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} صريح في أن الله تعالى يصرف مشيئة العبد وقدرته بمشيئته جلَّ وعلا إلى ما سبق به علمه، وقد صرف مشيئة فرعون، وقومه بمشيئته جلَّ وعلا إلى التقاطهم موسى؛ ليجعله لهم عدوًا وحزنًا، فكأنه يقول: قدرنا عليهم التقاطه بمشيئتنا؛ ليكون لهم عدوًا وحزنًا. وهذا معنى واضح، لا لبس فيه ولا إشكال كما ترى.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: ولكن إذا نظر إلى معنى السياق، فإنه تبقى اللام للتعليل؛ لأن معناه: أن الله تعالى قيضهم لالتقاطه؛ ليجعله عدوًا لهم وحزنًا، فيكون أبلغ في إبطال حذرهم منه. انتهى محل الغرض من كلامه. وهذا المعنى هو التحقيق في الآية إن شاء الله تعالى، ويدل عليه قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} كما بينا وجهه آنفًا.
وبهذا التحقيق تعلم أن ما يقوله كثير من المفسرين، وينشدون له الشواهد من أن اللام في قوله: ليكون: لام العاقبة، والصيرورة خلاف الصواب، وأن ما يقوله البيانيون من أن اللام في قوله: ليكون فيها استعارة تبعية في متعلق معنى الحرف، خلاف الصواب أيضًا.