للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليها، أي: ليألفها ويطمئن بها، وبين في موضع آخر أنه جعل أزواج ذريته كذلك، وهو قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}.

• قوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠)}.

في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير معروفان عند العلماء، والقرآن يشهد لأحدهما:

الأول: حواء كانت لا يعيش لها ولد، فحملت، فجاءها الشيطان، فقال لها: سمي هذا الولد عبد الحارث، فإنه يعيش، والحارث من أسماء الشيطان، فسمته عبد الحارث، فقال تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً} أي ولداً إنساناً ذكراً جعلا له شركاء بتسميته عبد الحارث، وقد جاء بنحو هذا حديث مرفوع، وهو معلول كما أوضحه ابن كثير في تفسيره.

الوجه الثاني: أن معنى الآية أنه لما آتى آدم وحواء صالحاً كفر به بعد ذلك كثير من ذريتهما، وأسند فعل الذرية إلى آدم وحواء؛ لأنهما أصل لذريتهما، كما قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} أي بتصويرنا لأبيكم آدم؛ لأنه أصلهم بدليل قوله بعده: {ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} ويدل لهذا الوجه الأخير أنه تعالى قال بعده: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} وهذا نص قرآني صريح في أن المراد المشركون من بني آدم، لا آدم وحواء. واختار هذا الوجه غير واحد لدلالة القرآن عليه، وممن ذهب إليه الحسن البصري. واختاره ابن كثير - والعلم عند الله تعالى -.