وما قدمنا من حكاية الإجماع على عدم الاكتفاء في المسح على الخف بالتيمم، مع أن فيه خلاف كما يأتي؛ لأنه لضعفه عندنا كالعدم؛ ولنكتف بما ذكرنا من أحكام هذه الآية الكريمة خوف الإطالة.
• قوله تعالى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} الآية. اعلم أن لفظة "مِنْ" في هذه الآية الكريمة محتملة لأن تكون للتبعيض، فيتعين في التيمم التراب الذي له غبار يعلق باليد؛ ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية، أي مبدأ ذلك المسح كائن من الصعيد الطيب. فلا يتعين ماله غبار. وبالأول قال الشافعي، وأحمد. وبالثاني قال مالك، وأبو حنيفة، رحمهم الله تعالى جميعاً.
فإذا علمت ذلك، فاعلم أن في هذه الآية الكريمة إشارة إلى هذا القول الأخير، وذلك في قوله تعالى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} فقوله: {مِنْ حَرَجٍ} نكرة في سياق النفي زيدت قبلها "مِنْ"، والنكرة إذا كانت كذلك، فهي نص في العموم، كما تقرر في الأصول، قال في [مراقي السعود] عاطفاً على صيغ العموم:
وفي سياق المنفي منها يذكر ... إذا بنى أو زيد من منكر
فالآية تدل على عموم النفي في كل أنواع الحرج، والمناسب لذلك كون "مِنْ" لابتداء الغاية؛ لأن كثيراً من البلاد ليس فيه إلا