وقوله في هذه الآية الكريمة:{لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ} الآية. قد أوضحنا الآيات الدالة عليه في سورة "الكهف" وغيرها فأغنى ذلك عن إعادته هنا. وأظهر الأقوال في قوله:{لُدًّا} أنه جمع الألد، وهو شديد الخصومة؛ ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤)}، وقول الشاعر:
أبيتُ نجيًّا للهموم كأنني ... أخاصم أقوامًا ذوي جدل لُدَّا
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا} في هذه الآية الكريمة هي الخبرية، وهي في محل نصب لأنها مفعول {أَهْلَكْنَا}؛ و {مِنَ} هي المبينة لـ {وَكَمْ} كما تقدم إيضاحه.
وقوله:{هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} أي هل ترى أحدًا منهم، أو تشعر به، أو تجده {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (٩٨)} أي صوتًا. وأصل الركز: الصوت الخفي؛ ومنه ركز الرمح: إذا غيب طرفه وأخفاه في الأرض. ومنه الركاز: وهو دفن جاهلي مغيب بالدفن في الأرض. ومن إطلاق الركز على الصوت قول لبيد في معلقته:
فتوجست رِكْز الأنيس فراعها ... عن ظهر غيب والأنيسُ سَقامها
وقول طرفة في معلقته:
وصادقتا سَمْع التوجّس للسُّرى ... لرِكْز خفيٍّ أو لصوت مندد