الجموع الجارية على غير القياس المشار لها بقول ابن مالك في الخلاصة:
وحائد عن القياس كل ما ... خالف في البابين حكما رسما
يعني بالبابين: التكسير والتصغير، كتكسير حديث على أحاديث وباطل على أباطيل، وكتصغير مغرب على مغيربان، وعشية على عشيشية. وقال بعضهم: إنها اسم جمع للحديث.
الوجه الثاني: أن الأحاديث جمع أحدوثة التي هي مثل: أضحوكة، وألعوبة، وأعجوبة بضم الأول، وإسكان الثاني: وهي ما يتحدث به الناس تلهيًا، وتعجبًا. ومنه بهذا المعنى قول توبة بن الحمير:
من الخفرات البيض ودَّ جليسها ... إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
وهذا الوجه أنسب هنا لجريان الجمع فيه على القياس. وجزم به الزمخشري. والعلم عند الله تعالى.
أمر جل وعلا في هذه الآية الكريمة رسله عليهم الصلاة والسلام مع أن الموجود منهم وقت نزولها واحد، وهو نبينا - صلى الله عليه وسلم -، بالأكل من الطيبات، وهي الحلال الذي لا شبهة فيه على التحقيق، وأن يعملوا العمل الصالح. وذلك يدل على أن الأكل من الحلال له أثر في العمل الصالح، وهو كذلك، وهذا الذي أمر به الرسل في هذه الآية الكريمة أمر به المؤمنين من هذه الأمة التي هي خير الأمم، وذلك في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ