أنكر تعالى في هذه السورة الكريمة على قوم نوح، وقوم هود عجبهم من إرسال رجل؛ وبين في مواضع أخر أن جميع الأمم عجبوا من ذلك. قال في عجب قوم نبينا - صلى الله عليه وسلم - من ذلك:{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ} وقال: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} الآية، وقال عن الأمم السابقة: {ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)} وقال: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ} الآية، وقال: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ (٣٤)} وصرح بأن هذا العجب من إرسال بشر مانع للناس من الإيمان بقوله: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (٩٤)}.
ورد الله عليهم ذلك في آيات كثيرة، كقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً} الآية، وقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} الآية، وقوله:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.