للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِرُكْنِهِ} بمعنى ثنى عطفه؛ وقوله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} أي: ذل وإهانة. وقد أذل الله الذين جادلوا في الله بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، كأبي جهل بن هشام، والنضر بن الحارث بالقتل يوم بدر.

ويفهم من هذه الآية الكريمة أن من ثنى عطفه استكبارًا عن الحق، وإعراضًا عنه عامله الله بنقيض قصده فأذله وأهانه؛ وذلك الذل والإِهانة نقيض ما كان يؤمله من الكبر والعظمة.

وهذا المفهوم من هذه الآية دلت عليه آيات آخر، كقوله تعالى: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إلا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} وقوله في إبليس لما استكبر: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣)} والصغار الذل والهوان، عياذًا بالله من ذلك، كما قدمنا إيضاحه. وقوله: {وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (٩)} أي: نحرقه بالنار، ونذيقه ألم حرها يوم القيامة. وسمي يوم القيامة؛ لأن الناس يقومون فيه له جل وعلا، كما قال تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالمِينَ (٦)}.

• قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٠)}.

المعنى أن الكافر إذا أذيق يوم القيامة عذاب الحريق، يقال له: {ذَلِكَ} أي: هذا العذاب الذي نذيقكه بسبب ما {قَدَّمَتْ يَدَاكَ} أي: قدمته في الدنيا من الكفر والمعاصي {وَأَنَّ اللَّهَ لَيسَ بِظَلَّامٍ