بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه أهلك كثيرًا من القرى في حال كونها ظالمة، أي: بسبب ذلك الظلم، وهو الكفر باللَّه وتكذيب رسله، فصارت بسبب الإِهلاك والتدمير ديارها متهدمة، وآبارها معطلة، لا يسقي منها شيء؛ لإِهلاك أهلها الذين كانوا يسقون منها. وهذا المعنى الذي ذكره تعالى في هذه الآية جاء موضحًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (٨) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (٩) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)} وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)} إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} العروش السقوف، والخاوية الساقطة. ومنه قول الخنساء:
كان أبو حسان عرشًا خوى ... مما بناه الدهر دان ظليل
والمعنى: أن السقوف سقطت ثم سقطت عليها حيطانها على أظهر التفسيرات. والقصر المشيد المطلي بالشِّيد بكسر