ويوضح هذا قوله تعالى "في المدثر": {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (٥٢)} كما يشير إليه قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ .. } الآية.
وقوله في هذه الآية الكريمة: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (٩٣)} أي: تنزيهًا لربي جل وعلا عن كل ما لا يليق به، ويدخل فيه تنزيهه عن العجز عن فعل ما اقترحتم؛ فهو قادر على كل شيء، لا يعجزه شيء، وأنا بشر أتبع ما يوحيه إلى ربي.
وبين هذا المعنى في مواضع أخر؛ كقوله: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} وقوله: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ .. } الآية. وكقوله تعالى عن جميع الرسل:{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} إلى غير ذلك من الآيات. وقرأ {تَفْجُرَ} الأولى عاصم وحمزة والكسائي بفتح التاء وإسكان الفاء وضم الجيم، والباقون بضم التاء وفتح الفاء وتشديد الجيم مكسورة. واتفق الجميع على هذا في الثانية، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم {كِسَفًا} بفتح السين، والباقون بإسكانها، وقرأ أبو عمرو {تُنَزِّلَ} بإسكان النون وتخفيف الزاي، والباقون بفتح النون وشد الزاي.
• قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (٩٤)} هذا المانع المذكور هنا عادي؛ لأنه جرت عادة جميع الأمم باستغرابهم بعث الله رسلًا من البشر؛ كقوله:{قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا .. } الآية، وقوله:{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا}