الصلصال: الطين اليابس الذي تسمع له صلصة، أي صوت إذا قرع بشيء، وقيل: الصلصال: المنتن، والفخار: الطين المطبوخ، وهذه الآية بين الله فيها طورًا من أطوار التراب الذي خلق منه آدم، فبين في آيات أنه خلقه من تراب، كقوله تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ}، وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠)}، وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ}، وقوله تعالى:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ}.
وقد بينا في قوله تعالى:{فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} وقوله: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} أن المراد بخلقهم منها هو خلق أبيهم آدم منها؛ لأنه أصلهم وهم فروعه.
ثم إن الله تعالى عجن هذا التراب بالماء فصار طينًا، ولذا قال:{أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا}، وقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالةٍ مِنْ طِينٍ (١٢)}، وقال تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧)}، وقال: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (١١)}، وقال تعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١)}.
ثم خمر هذا الطين فصار حمأً مسنونًا، أي طينًا أسود متغير الريح، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإ مَسْنُونٍ (٢٦)} الآية، وقال تعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإ مَسْنُونٍ (٢٨)} ,