للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (١٥)}.

الصلصال: الطين اليابس الذي تسمع له صلصة، أي صوت إذا قرع بشيء، وقيل: الصلصال: المنتن، والفخار: الطين المطبوخ، وهذه الآية بين الله فيها طورًا من أطوار التراب الذي خلق منه آدم، فبين في آيات أنه خلقه من تراب، كقوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ}، وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ}، وقوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ}.

وقد بينا في قوله تعالى: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} وقوله: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} أن المراد بخلقهم منها هو خلق أبيهم آدم منها؛ لأنه أصلهم وهم فروعه.

ثم إن الله تعالى عجن هذا التراب بالماء فصار طينًا، ولذا قال: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا}، وقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) وقال تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) وقال: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (١١) وقال تعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١)}.

ثم خمر هذا الطين فصار حمأً مسنونًا، أي طينًا أسود متغير الريح، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإ مَسْنُونٍ (٢٦)} الآية، وقال تعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإ مَسْنُونٍ (٢٨)} ,