فقال الأعرابي: ناشدتك الله يا هذا إلا ما كففت عني من دعائك هذا الخبيث، إن كانت سرقت ولم يرد سرقتها فقد يريد ردها ولا تُرَدّ، ولا ثقة لي برب يقع في ملكه ما لا يشاؤه.
فألقمه حجرًا.
وقد ذكرنا هذه المسألة في كتابنا "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" في الكلام عن آية الأنعام المذكورة في هذا البحث، وفي سورة الشمس في الكلام عن قوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)}.
(أم) هنا تتضمن معنى استفهام الإِنكار، يعني جل وعلا أن هذا الذي يزعم الكفار من أنهم على حق في عبادتهم الأوثان، وجعلهم الملائكة بنات الله، لا دليل لهم عليه. ولذا أنكر أن يكون آتاهم كتابًا يحل فيه ذلك، وأن يكونوا مستمسكين في ذلك بكتاب من الله، فأنكر عليهم هذا هنا إنكارًا دالًّا على النفي للتمسك بالكتاب المذكور، مع التوبيخ والتقريع.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من أن كفرهم المذكور لم يكن عن هدى من الله، ولا كتاب أنزله الله بذلك، جاء موضحًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى في سورة فاطر:{قُلْ أَرَأَيتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَينَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ} الآية، وقوله تعالى في الأحقاف: {قُلْ أَرَأَيتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ