كيف يصرفون حقوق الذي يحفظهم بالليل والنهار إلى ما لا ينفع ولا يضر؟! وهذا المعنى الذي أشارت إليه هذه الآية الكريمة: أنه لا أحد يمنع أحدًا من عذاب الله، ولا يحفظه ولا يحرسه من الله، وأن الحافظ لكل شيء هو الله وحده؛ جاء مبينًا في مواضع أخر؛ كقوله تعالى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَينِ يَدَيهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} على أظهر التفسيرات، وقوله تعالى:{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} الآية، وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٧)}، وقوله تعالى:{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} وقوله تعالى: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨)} إلى غير ذلك من الآيات.
قوله في هذه الآية الكريمة:{أَمْ} هي المنقطعة، وهي بمعنى بل والهمزة، فقد اشتملت على معنى الإضراب والإنكار، والمعنى: ألهم آلهة تجعلهم في منعة وعز حتى لا ينالهم عذابنا؟ ثم بين أن آلهتهم التي يزعمون لا تستطيع نفع أنفسها، فكيف تنفع غيرها بقوله:{لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ}.
وقوله:{مِنْ دُونِنَا} فيه وجهان: أحدهما: أنه متعلق بـ {آلِهَةٌ} أي: ألهم آلهة {مِنْ دُونِنَا} أي سوانا {تَمْنَعُهُمْ} مما نريد أن نفعله بهم من العذاب! كلا! ليس الأمر كذلك. الوجه