أي: لا يرجع الدهر إلى مسرة من جزع ورضا. وقول النابغة:
فإن كنت مظلومًا فعبد ظلمته ... وإن كنت ذا عتبى فمثلك يعتب
وأما قول بشر بن أبي خازم:
غضبت تميم أن تقتل عامر ... يوم التسار فأعتبوا بالصيلم
يعني أعتبناهم بالسيف، أي أرضيناهم بالقتل، فهو من قبيل التهكُم، كقول عمرو بن معدي كرب:
وخيل قد دلفت لها بخيل ... تحية بينهم ضرب وجيع
لأن القتل ليس بإرضاء، والضرب الوجيع ليس بتحية.
وأما على قراءة من قرأ:{وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا} بالبناء للمفعول: {فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} بصيغة اسم الفاعل، فالمعنى: أنهم لو طلبت منهم العتبى وردوا إلى الدنيا ليعملوا بطاعة الله وطاعة رسله، فما هم من المعتبين، أي: الراجعين إلى ما يرضي ربهم، بل يرجعون إلى كفرهم الذي كانوا عليه أولًا. وهذه القراءة كقوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨)}.
• قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (٨٥)} ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار إذا رأوا العذاب لا يخفف عنهم، ولا ينظرون، أي: لا يمهلون، وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، وبين أنهم يرون النار، وأنها تراهم، وأنها تكاد تتقطع من شدة الغيظ عليهم؛ كقوله تعالى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ