قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الشعراء في الكلام على قوله تعالى: {لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)}، وفي المؤمن في الكلام على قوله تعالى:{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}، وفي غير ذلك من المواضع.
خص الله تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة إنذاره - صلى الله عليه وسلم - بأم القرى ومن حولها، والمراد بأم القرى مكة حرسها الله.
ولكنه أوضح في آيات أخر أن إنذاره عام لجميع الثقلين، كقوله تعالى:{قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}، وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)}، وقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} الآية، كما أوضحنا ذلك مرارًا في هذا الكتاب المبارك.
وقد ذكرنا الجواب عن تخصيص أم القرى ومن حولها هنا وفي سورة الأنعام في قوله تعالى:{وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ} الآية، في كتابنا "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب"، فقلنا فيه: والجواب من وجهين:
الأول: أن المراد بقوله: {وَمَنْ حَوْلَهَا} شامل لجميع الأرض، كما رواه ابن جرير وغيره، عن ابن عباس.
الوجه الثاني: أنا لو سلمنا تسليمًا جدليًا أن قوله {وَمَنْ حَوْلَهَا} لا يتناول إلا القريب من مكة المكرمة حرسها الله، كجزيرة العرب