للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيطَانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (٤)}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من الناس بعضًا يجادل في الله بغير علم، أي: يخاصم في الله بأن ينسب إليه ما لا يليق بجلاله وكماله، كالذي يدعي له الأولاد والشركاء، ويقول: إن القرآن أساطير الأولين، ويقول: لا يمكن أن يحيي الله العظام الرميم، كالنضر بن الحارث، والعاص بن وائل، وأبي جهل بن هشام، وأمثالهم من كفار مكة الذين جادلوا في الله ذلك الجدال الباطل بغير مستند من علم عقلي، ولا نقلي، ومع جدالهم في الله ذلك الجدال الباطل يتبعون كل شيطان مريد، أي: عاتٍ طاغٍ من شياطين الإِنس والجن {كُتِبَ عَلَيهِ} أي: كتب الله عليه كتابة قدر وقضاء {أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ} أي: كل من صار وليًّا له، أي: للشيطان المريد المذكور، فإنه يضله عن طريق الجنة إلى النار، وعن طريق الإِيمان إلى الكفر، ويهديه إلى عذاب السعير، أي: النار الشديدة الوقود.

وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن بعض الجهال كالكفار يجادل في الله بغير علم، أي: يخاصم فيه بغير مستند من علم، بَيَّنَهُ في غير هذا الموضع، كقوله في هذه السورة الكريمة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٨) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الآية، وقوله تعالى في لقمان: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ