وهو يقصد أخرى، وهي أخت حارثة بن لأم الطائي، وهو قوله:
يا أخت خير البدو والحضارة ... كيف ترين في فتى فزارة
أصبح يهوى حرة معطارة ... إياك أعني واسمعي يا جارة
وذكرنا هناك الرجز الذي أجابته به المرأة.
وقول بعض أهل العلم: إن الخطاب في قوله: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} الآية، هو الخطاب بصيغة المفرد، الذي يراد به عموم كل من يصح خطابه، كقول طرفة بن العبد في معلقته:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود
أي ستبدي لك ويأتيك أيها الإِنسان الذي يصح خطابك؛ وعلى هذا فلا دليل في الآية = غير صحيح، وفي سياق الآيات قرينة قرآنية واضحة دالة على أن المخاطب بذلك هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعليه فالاستدلال بالآية استدلال قرآني صحيح، والقرينة القرآنية المذكورة، هي أنه تعالى قال في تلك الأوامر والنواهي التي خاطب بها رسوله - صلى الله عليه وسلم -، التي أولها {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ} الآية، ما هو صريح في أن المخاطب بذلك هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا عموم كل من يصح منه الخطاب، وذلك في قوله تعالى: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩)}.
وقد قدمنا الآيات الموضحة له في آخر سورة الحجر في الكلام على قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}، وفي آخر سورة قد أفلح المؤمنون، في الكلام على قوله:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} الآية.