قال بعض العلماء: إن هذا الفعل أعني صدف في هذه الآية لازم، ومعناه أعرض عنها، وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد، وقتادة.
وقال السدي: صدف في هذه الآية متعدية للمفعول، والمفعول محذوف، والمعنى أنه صد غيره عن اتباع آيات الله، والقرآن يدل لقول السدي؛ لأن إعراض هذا الذي لا أحد أظلم منه عنه آيات الله صرح به في قوله:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ} إذ لا إعراض أعظم من التكذيب، فدل ذلك على أن المراد بقوله:{وَصَدَفَ عَنْهَا} أنه صد غيره عنها فصار جامعاً بين الضلال والإضلال.
وعلى القول الأول فمعنى صَدَفَ مستغنى عنه بقوله:"كَذَّبَ" ونظير الآية على القول الذي يشهد له القرآن، وهو قول السدي، قوله تعالى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} اهـ.
وقد يوجه قول ابن عباس وقتادة ومجاهد بأن المراد بتكذيبه، وإعراضه أنه لم يؤمن بها قلبه، ولم تعمل بها جوارحه، ونظيره قوله تعالى: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢)} ونحوها من الآيات الدالة على اشتمال الكافر على التكذيب بقلبه، وترك العمل بجوارحه.