للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهذا القول قوله تعالى: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} أي: تهلكوا عن آخركم: وقيل: تغلبوا. والمعنى متقارب، لأن الهالك لا يهلك حتى يحاط به من جميع الجوانب، ولم يبق له منفذ للسلامة ينفذ منه، وكذلك المغلوب. ومنه قول الشاعر:

أحطنا بهم حتى إذا ما تيقنوا ... بما قد رأوا مالوا جميعا إلى السلم

ومنه أيضا: بمعنى الهلاك: قوله تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} الآية، وقوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} الآية.

• قوله تعالى: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُم} أي: يكاد نور القرآن لشدة ضوئه يعمي بصائرهم، كما أن البرق الخاطف الشديد النور يكاد يخطف بصر ناظره، ولا سيما إذا كان البصر ضعيفا، لأن البصر كلما كان أضعف كان النور أشد إذهابا له. كما قال الشاعر:

مثل النهار يزيد أبصار الورى ... نورا ويعمي أعين الخفاش

وقال الآخر:

خفافيش أعماها النهار بضوئه ... ووافقها قطع من الليل مظلم

وبصائر الكفار والمنافقين في غاية الضعف، فشدة ضوء النور تزيدها عمى. وقد صرح تعالى بهذا العمى في قوله: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} وقوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩)} إلى غير ذلك من الآيات. وقال بعض العلماء: يكاد البرق يخطف أبصارهم أي: يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين.