قد قدمنا مرارًا أن التسبيح هو تنزيه الله عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله، وأصله في اللغة الإِبعاد عن السوء، من قولهم: سبح، إذا صار بعيدًا، ومنه قيل للفرس: سابح؛ لأنه إذا جرى يبعد بسرعة، ومن ذلك قول عنترة في معلقته:
إذ لا أزال على رحالة سابح ... نهد تعاوره الكماة مكلم
وقول عباس بن مرداس السلمي:
لا يغرسون فسيل النخل حولهم ... ولا تخاور في مشتاهم البقر
إلا سوابح كالعقبان مقربة ... في دارة حولها الأخطار والعكر
وهذا الفعل الذي هو (سبح) قد يتعدى بنفسه بدون اللام، كقوله تعالى: {وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٩)}، وقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيلًا طَويلًا (٢٦)}، وقد يتعدى باللام كقوله هنا:(سبح لله)، وعلى هذا، فسبحه وسبح له لغتان، كنصحه ونصح له، وشكره وشكر له.