ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه؛ وأوضح هذا المعنى في آيات أخر كقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (١١)} وقوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} وقوله: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} إلى غير ذلك من الآيات.
قال بعض العلماء: إن قوله: {وَمَنِ اتَّبَعَكَ} في محل رفع بالعطف على اسم الجلالة، أي: حسبك الله، وحسبك أيضًا من اتبعك من المؤمنين.
وممن قال بهذا: الحسن، واختاره النحاس وغيره، كما نقله القرطبي.
وقال بعض العلماء: هو في محل خفض بالعطف على الضمير الذي هو الكف في قوله: {حَسْبُكَ} فالمعنى حسبك الله أي كافيك وكافي من اتبعك من المؤمنين، وبهذا قال الشعبي، وابن زيد وغيرهما، وصدر به صاحب الكشاف، واقتصر عليه ابن كثير وغيره. والآيات القرآنية تدل على تعيين الوجه الأخير، وأن المعنى كافيك الله، وكافي من اتبعك من المؤمنين؛ لدلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده، كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (٥٩)} فجعل الإيتاء لله ورسوله، كما قال:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وجعل الحسب له