وجوههم النار، أي: تحرقها إحراقًا شديدًا جاء موضحًا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى:{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ}. وقوله تعالى:{وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} الآية. وقوله تعالى:{لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ} الآية. وقوله تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠)} الآية. وقوله تعالى:{أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وقوله: {يَشْوي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ} الآية. إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤)} الكالح: هو الذي تقلصت شفتاه حتى بدت أسنانه، والنار - والعياذ باللَّه - تحرق شفاههم، حتى تتقلص عن أسنانهم، كما يشاهد مثله في رأس الشاة المشوي في نار شديدة الحر، ومنه قول الأعشى:
ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: من أن أهل النار يسألون يوم القيامة، فيقول لهم ربهم:{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} أي: في دار الدنيا على ألسنة الرسل فكنتم بها تكذبون، وأنهم اعترفوا بذلك، وأنهم لم يجيبوا الرسل لما دعوهم إليه من الإِيمان؛ لأن الله أراد بهم الشقاء، وهم ميسرون لما خلقوا له، فلذلك كفروا،