فلما بدأ الشيخُ (رحمه الله) يزاولُ التدريسَ في المسجدِ النبويِّ، وخالطَ العامةَ والخاصةَ، أَلْفَى مَنْ يُمَثِّلُ المذاهبَ الأربعةَ، وَمَنْ يُنَاقِشُ فيها، ويبحثُ عن الدليلِ ويتطلبُه، كما وجدَ الدراسةَ في المسجدِ النبويِّ لا تَقْتَصِرُ على مذهبٍ مُعَيَّنٍ، فكان من الْمُتَعَيَّنِ على مَنْ تَصَدَّرَ للتدريسِ في مثلِ هذه البيئةِ الاطلاعُ على سائرِ المذاهبِ الْمُعْتَبَرَةِ، والوقوفُ على أقوالِ العلماءِ في المسألةِ، مع التضلعِ بعلومِ الكتابِ والسنةِ، فَدَأَبَ الشيخُ (رحمه الله) في تحصيلِ ذلك، وقد سَاعَدَهُ على هذا التوسعِ تَمَكُّنُهُ من علومِ الآلةِ.
وإن هذا الأثرَ المشارَ إليه تَجِدُهُ بارزًا في كتابِه "أَضْوَاءُ الْبَيَانِ" عندما يتعرضُ للمسائلِ الفقهيةِ.
١ - تفسيرُ القرآنِ الكريمِ في المسجدِ النبويِّ، وقد أَتَمَّ تفسيرَ جميعِ القرآنِ، ثم شَرَعَ في تفسيرِه ثانيةً -كما ذكر ذلك في بعض دروسه- إلا أن المنيةَ وافته، فَمَاتَ (رحمه الله) ولم يُجَاوِزْ سُورَةَ بَرَاءَةٍ (١)، وقد فرِّغ ما وجد من هذه الدروس وطبع بعنوان "العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير" في خمسة مجلدات.
٢ - تدريسُ التفسيرِ في (دَارِ الْعُلُومِ) في المدينةِ النبويةِ منذ عامِ
(١) انظر مقدمة (العذب النمير): ١/ ١٨، بينما ذكر تلميذه الشيخ أحمد بن محمد الأمين أنه شرحه ثلاث مرات.