للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى في هذا الكتاب المعرِض عما في التوراة من رجم الزاني المحصن دليل قرآني واضح على بقاء حكم الرجم، ويوضح ما ذكرنا من أنه تعالى جعل لهن السبيل بالحد قوله - صلى الله عليه وسلم - الثابت في الصحيح: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا" الحديث.

• قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} الآية. نهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن نكاح المرأة التي نكحها الأب، ولم يبين ما المراد بنكاح الأب، هل هو العقد، أو الوطء؟ لكنه بين في موضع آخر أن اسم النكاح يطلق على العقد وحده وإن لم يحصل مسيس، وذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} فصرح بأنه نكاح، وأنه لا مسيس فيه.

وقد أجمع العلماء على أن من عقد عليها الأب حرمت على ابنه وإن لم يمسها الأب، وكذلك عقد الابن محرم على الأب إجماعا وإن لم يمسها، وقد أطلق تعالى النكاح في آية أخرى مريدا به الجماع بعد العقد، وذلك في قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}؛ لأن المراد بالنكاح هنا ليس مجرد العقد، بل لا بد معه من الوطء، كما قال - صلى الله عليه وسلم - لامرأة رفاعة القرظي: "لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك" يعني الجماع. ولا عبرة بما يروى من المخالفة عن سعيد بن المسيب؛ لوضوح النص الصريح الصحيح في عين المسألة.

ومن هنا قال بعض العلماء: لفظ النكاح مشترك بين العقد والجماع، وقال بعضهم: هو حقيقة في الجماع مجاز في العقد،