للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه سببه، وقال بعضهم بالعكس.

تنبيه: قال بعض العلماء: إن لفظة "مَا" من قوله: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} مصدرية، وعليه فقوله: {من النساء} متعلق بقوله: {تَنْكِحُوا} لا بقوله {نكح}، وتقرير المعنى على هذا القول: ولا تنكحوا من النساء نكاح آبائكم، أي: لا تفعلوا ما كان يفعله آباؤكم من النكاح الفاسد، وهذا القول هو اختيار ابن جرير. والذي يظهر وجزم به غير واحد من المحققين أن "مَا" موصولة، واقعة على النساء التي نكحها الآباء، كقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} وقد قدمنا وجه ذلك؛ لأنهم كانوا ينكحون نساء آبائهم، كما يدل له سبب النزول، فقد نقل ابن كثير عن ابن أبي حاتم أن سبب نزولها: أنه لما توفي أبو قيس بن الأسلت خطب ابنه امرأته، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فقال: ارجعي إلى بيتك فنزلت: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} الآية.

قال مقيده - عفا الله عنه -: نكاح زوجات الآباء كان معروفا عند العرب، وممن فعل ذلك أبو قيس بن الأسلت المذكور، فقد تزوج أم عبيد الله وكانت تحت الأسلت إبيه، وتزوج الأسود بن خلف ابنة أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكانت تحت أبيه خلف، وتزوج صفوان بن أمية فاختة ابنة الأسود بن عبد المطلب بن أسد، وكانت تحت أبيه أمية، كما نقله ابن جرير عن عكرمة قائلا: إنه سبب نزول الآية، وتزوج عمرو بن أمية زوجة أبيه بعده، فولدت له مسافرا وأبا معيط، وكان لها من أمية أبو العيص وغيره، فكانوا إخوة مسافر وأبي معيط وأعماميهما، وتزوج منظور