للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السخري بكسر السين من قبيل ما ذكرناه من الاستهزاء، وأن السخري بضم السين من التسخير، الذي هو التذليل والعبودية.

والمعنى: أن الكفار يسخرون ضعفاء المؤمنين، ويستعبدونهم كما كان يفعله أمية بن خلف ببلال، ولا يخفى أن الصواب هو ما ذكرنا إن شاء الله تعالى.

وحتى في قوله: {حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} حرف غاية، لاتخاذهم إياهم سخريًا، أي: لم يزالوا كذلك حتى أنساهم ذلك ذكر الله والإِيمان به، فكان مأواهم النار. والعياذ باللَّه.

• قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (١١١)}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه جزى أولئك المؤمنين المستضعفين في الدنيا بالفوز بالجنة في الآخرة.

وقوله {بِمَا صَبَرُوا} أي: بسبب صبرهم في دار الدنيا على أذى الكفار الذين اتخذوهم سخريًّا، وعلى غير ذلك من امتثال أمر الله، واجتناب نهيه. وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن أولئك المستضعفين الذين كان الكفار يستهزؤون بهم جزاهم الله يوم القيامة الفوز بجنته، ورضوانه جاء مبينًا في مواضع أخر، مع بيان أنهم يوم القيامة يهزؤون بالكفار، ويضحكون منهم، والكفار في النار. والعياذ باللَّه، كقوله تعالى: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)} وقوله تعالى: {أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٤٩)} وقوله: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} إلى غير ذلك من الآيات.