للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إلا يَخْرُصُونَ (٢٠)}.

في هذه الآية الكريمة إشكال معروف، ووجهه: أن قول الكفار الذي ذكره الله عنهم هنا، أعني قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}، هو بالنظر إلى ظاهره كلام صحيح؛ لأن الله لو شاء أن يعبدوهم ما عبدوهم، كما قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا}، وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥) وقال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَينَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} الآية، وقال تعالى: {فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩) وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)}.

وهذا الإِشكال المذكور في آية الزخرف هو بعينه واقع في آية الأنعام، وآية النحل.

أما آية الأنعام، فهي قوله: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيءٍ}.

وأما آية النحل، فهي قوله: {وَقَال الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا} الآية.

فإذا عرفت أن ظاهر آية الزخرف وآية الأنعام وآية النحل: أن ما قاله الكفار حق، وأن الله لو شاء ما عبدوا من دونه من شيء ولا أشركوا به شيئًا، كما ذكرنا في الآيات الموضحة قريبًا.

فاعلم أن وجه الإِشكال، أن الله صرح بكذبهم في هذه الدعوى التي ظاهرها حق، قال في آية الزخرف: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ