لا يجوز صرفها عن ظاهرها المتبادر منها إلا بدليل يجب الرجوع إليه. والتسبيح في اللغة: الإبعاد عن السوء، وفي اصطلاح الشرع: تنزيه الله جل وعلا عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية:{وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَال} أي: جعلناها بحيث تطيعه إذا أمرها بالتسبيح، والظاهر أن قوله: {وَكُنَّا فَاعِلِينَ (٧٩)} مؤكد لقوله: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَال يُسَبِّحْنَ وَالطَّيرَ} والموجب لهذا التأكيد: أن تسخير الجبال وتسبيحها أمر عجب خارق للعادة، مظنة لأن يكذب به الكفرة الجهلة.
وقال الزمخشري: {وَكُنَّا فَاعِلِينَ (٧٩)} أي قادرين على أن نفعل هذا. وقيل: كنا نفعل بالأنبياء مثل ذلك. وكلا القولين اللذين قال ظاهر السقوط، لأن تأويل {وَكُنَّا فَاعِلِينَ (٧٩)} بمعنى كنا قادرين بعيد، ولا دليل عليه كما لا دليل على الآخر كما ترى.
وقال أبو حيان: {وَكُنَّا فَاعِلِينَ (٧٩)} أي: فاعلين هذه الأعاجيب من تسخير الجبال وتسبيحهن، والطير لمن نخصه بكرامتنا اهـ. وأظهرها عندي هو ما تقدم، والعلم عند الله تعالى.
الضمير في قوله:{وَعَلَّمْنَاهُ} راجع إلى داود. والمراد بصنعة اللبوس: صنعة الدروع ونسجها؛ والدليل على أن المراد باللبوس في الآية الدروع: أنه أتبعه بقوله: {لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} أي