والثاني: هو إطلاق الظن مرادًا به العلم واليقين، ومنه قوله تعالى هنا: {وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨)} أي أيقنوا، أنهم ليس لهم يوم القيامة محيص، أي لا مفر ولا مهرب من عذاب ربهم، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى:{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} أي أيقنوا ذلك وعلموه، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)}، وقوله تعالى:{قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}، وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠)}، فالظن في الآيات المذكورة كلها بمعنى اليقين.
ونظير ذلك من كلام العرب قول دريد بن الصمة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرد
والفعل القلبي في الآية المذكورة التي هي قوله: {وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨)} معلق عن العمل في المفعولين بسبب النفي بلفظة (ما) في قوله: {مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨)} كما أشار له في الخلاصة بقوله: