ومعنى اتباعه هواه: أنَّه يتبع ما تميل إليه نفسه الأمارة بالسوء وتهواه من الشر، كالكفر والمعاصي.
وقوله: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} قيل: هو من التفريط الذي هو التقصير، وتقديم العجز بترك الإيمان. وعلى هذا فمعنى {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)} أي: كانت أعماله سفها وضياعا وتفريطًا. وقيل: من الإفراط الذي هو مجاوزة الحد، كقول الكفار المحتقرين لفقراء المؤمنين: نحن أشراف مُضر وساداتها، إن اتبعناك اتبعك جميع النَّاس. وهذا من التكبر والإفراط في القول. وقيل: {فُرُطًا (٢٨)} أي: قَدَمًا في الشر. من قولهم: فرط منه أمر، أي سبق. وأظهر الأقوال في معنى الآية الكريمة عندي -بحسب اللُّغة العربية التي نزل بها القرآن- أن معنى قوله {فُرُطًا (٢٨)}: أي متقدمًا للحق والصَّواب، نابذًا له وراء ظهره؛ من قولهم: فرس فرط، أي متقدم للخيل. ومنه قول لبيد في معلقته:
ولقد حَمَيت الخيلَ تَحْمِل شَكَّتي ... فُرْطُ وِشاحي إذ غدوتُ لجامها
وإلى ما ذكرنا في معنى الآية ترجع أقوال المفسرين كلها، كقول قتادة ومجاهد {فُرُطًا (٢٨)}: أي ضياعًا. وكقول مقاتل بن حيان {فُرُطًا (٢٨)}: أي سرفًا. وكقول الفراء {فُرُطًا (٢٨)}: أي متروكًا. وكقول الأخفش {فُرُطًا (٢٨)}: أي مجاوزًا للحد، إلى غير ذلك من الأقوال.
• قوله تعالى:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ}.
أمر الله جل وعلا نبيه - صَلَّى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة: أن يقول