للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧)}

الإِشارة في قوله: (ذلك) راجعة إلى المصدر الكامن في الفعل الصناعي، (ذلك) أي خلقنا السماوات والأرض باطلًا هو ظن الذين كفروا بنا. والنفي في قوله: (ما خلقنا) منصب على الحال لا على عاملها الذي هو (خلقنا)؛ لأن المنفي بأداة النفي التي هي (ما) ليس خلقه للسماوات والأرض، بل هو ثابت، وإنما المنفي بها هو كونه باطلًا، فهي حال شبه العمدة وليست فضلة صريحة؛ لأن النفي منصب عليها هي خاصة، والكلام لا يصح دونها. والكلام في هذا معلوم في محله.

ونفي كون خلقه تعالى للسماوات والأرض باطلًا، نزه عنه نفسه ونزهه عنه عباده الصالحون؛ لأنه لا يليق بكماله وجلاله تعالى.

أما تنزيهه نفسه عنه ففي قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)}.

ثم نزه نفسه عن كونه خلقهم عبثًا بقوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)} أي تعالى وتقدس وتنزه عن كونه خلقهم عبثًا.

وأما تنزيه عباده الصالِحين له عن ذلك، ففي قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١)} فقوله تعالى عنهم: (سبحانك) أي تنزيهًا لك عن أن تكون خلقت السماوات والأرض باطلًا. فقولهم: (سبحانك) تنزيه له، كما نزه نفسه عن ذلك بقوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} الآية.